watermark logo

ما السبيل لكي أصبح من العلماء؟ | الشيخ صالح العصيمي

9 المشاهدات

0

قطوف العصيمي

السؤال: ما هو السبيل لكي أصبح من العلماء؟

الجواب: السبيل شيئان: أحدهما ظاهر، وآخر باطن؛
فأما الظاهر: فأشار إليه الزبيدي في ألفية السند إذا قال:

فما حوى الغاية في ألف سنة *** شخص فخذ من كل فن أحسنه
لحفظ متن جامع للراجح *** تأخذه على مفيد ناصح
ثم مع المدة فابحث عنه***حقق ودقق ما استمد منه

فهذا هو الطريق الظاهر، تعمد إلى الأصول المعتمدة فتحفظها، وتأخذها فهما عن مفيد ناصح، ثم تستمر في البحث في مسائل الأصول المعتمدة، وليس في مسائل غيرها.
وأما الباطن: فهو طهارة قلبك وزكاة نفسك بأنواع الكمالات من الحقائق الإيمانية، فإن الإنسان إذا كمل باطنه بها أمكنه أن يدرك العلم، وإذا أظلم باطنه بما يستقبح ويستنكر منها منعه الله ۵ العلم، قال تعالى: ﴿سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق﴾ [الأعراف:146].
قال سهل بن عبد الله التستري: حرام على قلب أن يدخله النور وفيه شيء مما يكره الله.
فإذا طهر باطنك وزكت نفسك فإن هذا من أعظم أسباب نيل العلم، وأما بغير ذلك فلا يأتك من العلم إلا شيء يسير، وربما سلبته بذنوب الباطن؛ من غل، أو حقد، أو حسد، أو غش، أو غير ذلك، فأنت اعتن بهذين الأمرين، أما بغير هذين الأمرين لا يمكن أن ينال العلم.
بعض الناس الآن عندهم برامج يسمونها: عالم المستقبل، وما أدري إيش، تكوين العلماء.. إلى آخره!
لست أنت الذي تكون العلماء ولا تحط علماء المستقبل، الله ۵ هو الذي يضعهم، أنت تأمر الناس بأمر يصلح ظاهرهم وباطنهم في العلم، وأما هذه الأسماء فإنها تورث الذين ينضمون إليها الكبر والغرور، فهو يعد نفسه من العلماء، يقول: أنا مشيت الآن تقريبا ثلثين وبقي لي ثلث وأصير عالما، ويتخرج من الدورة هذه ويقول: أنا الآن عالم.
ولذلك مرة إحدى الجهات هاتفتني بأنها تريد أن تعمل برنامجا في أيام الحج لطائفة من علماء المسلمين، وأنهم يريدون أن ألقي الدروس عليهم، فقلت: ما دام هم علماء ما يحتاجونني، ما يحتاجون إلي، هذه الألفاظ التي صار يسمونها الناس أنفسهم ويتنافسون فيها هي في الحقيقة لإمالة أنظار الخلق إليهم، وإلا ما ينبغي أن الإنسان يسمي نفسه عالم ولا شيخ؛ هذه ليست طريقة أهل العلم.
وفي أخبار الشيخ عبد الله بن حميد رحمه الله تعالى - وكان مفرطا في الذكاء - لما ولي القضاء في بريدة، وقعة خصومة في أرض، فجاء أحد المتخاصمين وقال له: معي صك من الشيخ عمر بن محمد بن سليم - وهو أحد أركان العلم في بلادنا، وكان الشيخ محمد إبراهيم يحبه كثيرا؛ لأنه لم يتخرج أحد مثلما تخرج على محمد إبراهيم مثل الذين تخرجوا على عمر بن محمد بن سليم، ومن بركات هذا الرجل رحمه الله أنه ابتدأ مجلسا في العلم لا يزال قائما وله أكثر من سبعين سنة، لا زال قائما المجلس تلاميذه، ثم تلاميذ تلاميذه، لا زال هذا المجلس قائما، لا زال قائما معمورا، ورثاه الشيخ محمد إبراهيم، ولم يرث أحدا من أقرانه أبدا إلا عمر بن سليم، فقال:
إن الرزية حقا فقدنا عمرا *** شيخ القصيم وما وراء القصيم

إلى آخر ما قال رحمه الله.
فهذا جاء إلى الشيخ عبد الله وقال: هذا صك الشيخ عمر بن سليم، كاتب لي أن اللفظ لي، وكان الشيخ عبد الله كفيف، فقال: خير، خل الصك وننظر فيه.
فلما ذهب الرجل، قال الشيخ للكتاب عنده - وكانوا عملوا مع الشيخ عمر بن سليم -: اقرأوا الصك، فقرأوه عليه، قال: تعرفون الخط؟، قالوا: إيه أحسن الله إليك، هذا خط الشيخ عمر.
فقال: خير إن شاء الله.
ثم في المساء، استدعى بعض طلاب الشيخ عمرالكبار، وقال: عندنا صك أحب أن تروه وتخبروني هذا خط الشيخ عمر ولا لا؟
فأجمعوا كلهم على أن هذا خط الشيخ عمر بن سليم، فقال: ننظر إن شاء الله.
بعد ثلاثة أيام جاء هذا الرجل لأجل الخصومة، فقال له الشيخ عبد الله بن حميد: نحن عرفنا أن صكك باطل، وإن لم تعترف نسجنك.
الرجل رعب، لأن صكه كان باطلا، فقال: والله يا شيخ، أنا بقيت ثلاث سنوات وأنا أحاكي خط الشيخ عمر بن سليم حتى أتقنته، فاعترف أنه زوره.
فعجبوا كلهم، قالوا للشيخ عبد الله: كيف عرفت أنه ليس بخط الشيخ عمر بن سليم، ليس للشيخ عمر بن سليم؟!، قال: لأن آخره: وكتبه الشيخ عمر بن محمد بن سليم، والشيخ ما يقول عن عمره شيخ.

أظهر المزيد

0 تعليقات ترتيب حسب

لم يتم العثور على تعليقات

التالي